اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 600
العلم إِلى الله أُبْلِسَتِ الأممُ، وعلمت أن ما أتته في الدنيا غير غائب عنه، وأن الكل لا يخرجون عن قبضته.
قوله تعالى: عَلَّامُ الْغُيُوبِ قال الخطابي: العلاَّم: بمنزلة العليم، وبناء «فعَّال» بناء التكثير، فأما «الغيوب» فجمع غيب، وهو ما غاب عنك.
[سورة المائدة (5) : آية 110]
إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (110)
قوله تعالى: إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى قال ابن عباس: معناه: وإِذ يقول.
قوله تعالى: اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ في تذكيره النعم فائدتان: إِحداهما: إِسماع الأمم ما خصه به من الكرامة. والثانية: توكيد حجَّته على جاحده. ومن نعمه على مريم أنه اصطفاها وطهرها، وأتاها برزقها من غير سبب. وقال الحسن: المراد بذكر النعمة: الشكر. فأما النعمة، فلفظها لفظ الواحد، ومعناها الجمع. فإن قيل: لم قال هاهنا: فَتَنْفُخُ فِيها وفي آل عمران (فيه) [1] ؟
فالجواب: أنه جائِز أن يكون ذكر الطير على معنى الجميع، وأنَّث على معنى الجماعة، وجاز أن يكون «فيه» للطّير، «وفيها» للهيئة ذكره أبو علي الفارسي.
قوله تعالى: إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ قرأ ابن كثير، وعاصم هاهنا، وفي «هود» و «الصف» :
إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ، وقرأ في «يونس» : لَسِحْرٌ مُبِينٌ بألف. وقرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، الأربعة «سحرٌ مبين» بغير ألف، فمن قرأ «سحر» أشار إِلى ما جاء به، ومن قرأ «ساحر» ، أشار إلى الشّخص.
[سورة المائدة (5) : آية 111]
وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ (111)
وفي الوحي إلى الحواريين قولان: أحدهما: أنه بمعنى الإِلهام، قاله الفراء. وقال السدي: قذف في قلوبهم. والثاني: أنه بمعنى الأمر، فتقديره: أمرت الحواريين، و «إلى» صلة، قاله أبو عبيدة.
وفي قوله تعالى: وَاشْهَدْ قولان: أحدهما: أنهم يعنون الله تعالى. والثاني: عيسى عليه السّلام. وقوله تعالى: بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ أي: مخلصون للعبادة والتوحيد. وقد سبق شرح ما أهمل هاهنا فيما تقدم.